الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

الجيش المفترى عليه !


لقد ظلمنا الجيش . ظلمناه وبلا رحمة اتهمناه بأنّه - و العياذ بالله - يعمل على الانقلاب على الثورة و بأنه باق على ولاءه للنظام الساقط .اتهمناه باستخدام العنف مع المتظاهرين , و  اللين مع قتلة جنودنا من الإسرائيليين !.
 لقد كنت مثل الجميع أردد هذه الاتهامات الشنيعة الظالمة في حقّ الجيش الوطني المطهّر من كل دنس .لكني - و الشكر للمشير طنطاوي , راعي الحقيقة في مصر - اهتديت إلى الحق , و طريقه سلكت , ثم  عن يقين اقتعت .. أننا ظلمناه و افترينا  .


فالجيش ,حقاً و صدقاً قد حمى الثورة .. من نفسه .
 وقف الجيش منذ الوهلة الأولى موقف المتفرّج على المباراة بين الضحية و جلاديها .. صحيح أنه يوم موقعة الجمل - لا أعادها الله - قد سمح بولوج الفرسان من نزلة السمّان  , إلى الميدان بعصيّهم و سيوفهم و ما قدروا على حمله من عتادهم و حشدوا من دوابّهم .. لكننا - لقسوة قلوبنا - نسينا أنه لم يقم بإمدادهم بالذخائر و الأسلحة - كما أمدّ الشرطة في جمعة الغضب -.
 بل أنّه - لشرفه و وطنييته الصادقة , لم يشارك في ذبحنا .. و هذا دليل- لو تعلمون -لا يدحض على أنّه جيش  برئ و مظلوم .


و الجيش يا أصدقائي , منذ اندلاع الثورة , أعلن انحيازه لها و لمطالبها المشروعة .
و قد ترجم ذلك على أرض الواقع بالقضاء على النظام القديم بأكمله باستثناء بعض العشرات من الوزراء , و المئات من كبار الموظفين الفاسدين , و قتلة المتظاهرين , و من في الأقسام عذّبوا المواطنين, و القيادات الأمنـ-جامعية , و جميع فلول الحزب الوطني , و أحزاب المعارضة المتواطئة , و من سرقوا الأموال و هربوا بكل سلاسة, و من أفسدوا الدين و من أفسدوا السياسة , و المؤسسة العسكرية  بأكملها .
لكن هذه أشياء تافهة إذا ما قورنت بتخليصنا من الطاغوت الأكبر مبارك و ابنيه المجرمين و وزير داخليّته الزنيم و آخرين .
 صحيح أنهم يقيمون في في السجن خير مقام , و محاكماتهم لا و لن تسير على ما يرام , لكن هذا غير مهم .


و منذ التنحي ,قد وعد الجيش وعداً قاطعاً , بتسليم السلطة للمختارين من المدنيين , بعد شهور ستـّة .صحيح أن الستّة صارت سبعة فثمانية فعشراً , لكن ألم تسمعوا عن شيئ يدعى نظريّة النسبيّة . أنا آسف لجهلكم , و لكن عليكم القراءة و التعلّم , و ستعلمون أننا لم نتخط المهلة التي حددها الجيش الشريف , بل لم يمض منها في الواقع إلا عشرة شهور , فصبرا يا إخوة بالله عليكم ! .


أمّا عن أسلوبه في التعامل مع الاحتجاجات و الاعتصامات - والذي أثرتم حوله الكثير من اللغط - فما أرقّ أسلوبه و ما أرقاه.
 لقد أثبت الجيش المنزّه أنّه يجيد التعامل بأسلوب حضاريّ جداً , اللهم إلا بضع مئات من الأخطاء غير المقصودة و غير  الممنهجة .ليس بالفداحة التي تتخيلونها بعض كشوف العذرية , و الاختطافات للنشطاء , و المحاكمات العسكرية الظالمة للأبرياء , وسحل النساء و تمزيق ملابسهنّ , و استخدام قليل من قنابل الغاز الخانق و الرصاص الخارق في فض الاعتصامات , وسقوط بضع مئات من القتلى الأبرياء . هذه الأشياء تحدث من آن لآخر و آخر و آخر . لكن الجيش العفيف , يقوم بعد كل حادثة من تلك بالاعتذار علنا , على صفحته بالفيسبوك .
فلكل هؤلاء القتلى ما أراد الجيش إلا خيرهم بإدخالهم الجنّة شهداء و إدخال ذكراهم الجحيم باعتبارهم خونة و عملاء , و خير آلهم بالتعويضات التي لن تصلهم أبدا.
قليل من الإنصاف أرجوكم  !